من أكثر الأمور التي نقلق بشأنها نحن بنات حواء هي دورتنا الشهرية، لن تجد فتاة في بداية مراهقتها أو آنسة في مقتبل شبابها أو امرأة متزوجة أو حتى امرأة وصلت لسن اليأس ولا تقلق بشأنها. أجزم أن الكثير من الأسئلة تدور في ذهنك عزيزتي حولها وأنت تقرئين الآن ولعل أكثرها إلحاحًا هو ما أسباب تغير موعد الدورة الشهرية؟!
في السطور القادمة سنجيب على سؤالك بالتفصيل ونشرح لك كل أسباب تغير موعد الدورة الشهرية وأعراضها الأكيدة وكيفية علاجها.
محتوى المقال
الدورة الشهرية الطبيعية
منذ بداية البلوغ، تفرز أجسادنا بويضة ناضجة استعدادًا للقاء حيوان منوي عابر وحدوث الحمل فيما يعرف بالدورة الشهرية، وفشل لقائهما ينتج عنه ما يسمى بالحيض.
في الطبيعي تستغرق تلك العملية من خمسة وعشرين لخمسة وثلاثين يومًا تقريبًا وتتراوح مدة الحيض من يومين لثمانية أيام.
وكما نختلف نحن النساء في صفاتنا وطباعنا وأشكالنا تختلف شكل ومدة دورتنا الشهرية أيضًا ونتساءل فيما بيننا بين الحين والآخر هل نعاني عدم انتظام الدورة الشهرية أم هذا طبيعي؟
ما هي أعراض الدورة الشهرية الغير منتظمة؟!
تعاني ما يقرب من عشرين بالمئة من النساء عدم انتظام في الدورة الشهرية بين الفينة والأخرى. قد يكون هذا شيئًا عارضًا أو طبيعيًا وقد يكون لمشكلة علينا الانتباه لها لكن أشهر الأعراض التي عليك الانتباه لها هي الآتي:
- ندرة الطمث أو عدم نزول الحيض لمدة تزيد عن ثلاثة شهور متواصلة.
- حدوث نزيف شديد ونزول الدم بكمية أكبر مما تعتادين عليها.
- طول مدة الحيض لأكثر من ثمانية أيام.
- قصر مدة الحيض (أقل من يومين)
- آلام مبرحة وغير معتادة أثناء فترة حيض.
- اختلال في مدة الدورة الشهرية إما زيادة مدتها عن 35 يومًا أو قصر مدتها فترة أقل من 24 يومًا.
ماهي أسباب تغير موعد الدورة الشهرية المختلفة؟!
هناك العديد من أسباب تغير الدورة الشهرية منها ما هو طبيعي ومنها ما هو نتيجة لمشكلة مرضية يجب الانتباه لها والبحث عن علاجها وهذا ما سنشرحه في الفقرات التالية بمزيد من التفصيل.
أسباب تغير موعد الدورة الشهرية (الأسباب طبيعية)
ليس كل تغير في مواعيد أو نمط دورتك الشهرية يدعوا للقلق يا عزيزتي؛ فليست كل الأسباب مرتبطة بمشكلة مرضية.
ومن أشهر الأسباب الطبيعية هي التغيرات الهرمونية التي تحدث في مراحل حياتك المختلفة. فالمؤثر الأول في الدورة الشهرية هي معدل هرمون الإستروجين والبروجستيرون وأي خلل في نسبتهما يسبب تغيرات ملحوظة فيها. ومن أشهر تلك التغيرات الهرمونية:
- مرحلة البلوغ:
تبدأ مرحلة البلوغ بهرمونات غير منتظمة مما يؤثر في مدة الدورة الشهرية ونمطها فقد تأتي أكثر من مرة خلال نفس الشهر، وقد تمتد مدة الحيض لأكثر من 8 أيام متواصلة. ويمكن القول أن مرحلة البلوغ هي أشهر أسباب تغير موعد الدورة الشهرية للبنات.
- الحمل:
بعد الزواج يعد انقطاع الطمث لشهر أو أكثر هو إشارة شبه أكيد لحدوث الحمل وكل ما عليكِ فعله هو التأكد بالوسائل المعتادة.
يمكنك قراءة المزيد عن الدورة الشهرية والحمل من خلال هذا المقال: كيفية حساب الدورة الشهرية لمعرفة الحمل
- الرضاعة الطبيعية:
تثبط الرضاعة الطبيعية عملية التبويض بشكل مؤقت وهذا بفعل زيادة هرمون البرولاكتين المسؤول عن إدرار اللبن؛ لكن من ناحية أخرى يؤثر في الهرمونات الأنثوية مما يؤدي إلى توقف الدورة الشهرية.
- وسائل منع الحمل الهرمونية:
تعد وسائل منع الحمل الهرمونية بأشكالها المختلفة (حبوب أو لاصقات أو لولب هرموني) أحد أشهر أسباب تغير مواعيد الدورة الشهرية بعد الزواج لدى النساء. إذ تعتمد تلك الأدوية على التأثير في عملية الإباضة محدثة نزيفًا غير منتظم لحين اعتياد دورة هرمونات الجسم على التغيير وعودة الدورة الشهرية للانتظام ثانية.
قد تتأثر الدورة الشهرية بعد توقفك عن استخدام تلك الأدوية ثم تعود للانتظام ثانية بعد فترة قد تصل أحيانًا لشهر.
- ما قبل سن اليأس:
في نهاية العقد الرابع وبداية الخامس، تبدأ المرحلة الأولى من سن اليأس وتتميز بحدوث تغيرات في مواعيد الدورة الشهرية المعتادة.
هناك أسباب أخرى متعلقة بنمط الحياة التي تعيشينها، ولعل أشهرها هو:
- القلق والتوتر الزائدان: يتسبب نمط الحياة الضاغط والسريع في زيادة الشعور بالقلق والتوتر. يؤدي هذا إلى زيادة هرمون الكورتيزول بالجسم والذي يؤثر بدوره في الهرمونات المسؤولة عن الدورة الشهرية.
- زيادة أو فقدان الوزن بشكل سريع: سواء كان هذا نتيجة مشكلة مرضية أو حمية قاسية.
- الإفراط في ممارسة التماريين الرياضية
أسباب عدم انتظام الدورة الشهرية الأسباب الطبية
هناك العديد من المشكلات المرضية التي تؤثر بالسلب في الدورة الشهرية وتسبب حدوث تغيرات متفاوتة بها ومن أشهر تلك الأسباب:
مشكلات الغدة الدرقة:
تلعب الهرمونات التي تفرزها الغدة الدرقية دورًا هامًا في تنظيم الهرمونات المسؤولة عن الدورة الشهرية. وبالتالي يؤدي فرط نشاط الغدة الدرقية أو خمولها أحد أسباب تغير موعد الدورة الشهرية.
تكيسات المبايض:
تعد تكيسات المبايض حديث العصر لدى النساء فالوقت الحالي فنسبة ليست بالقليلة تعاني أعراضها وتبحث عن علاج لها.
تحدث التكسيات لأسباب غير معروفة إلى الآن وفيها يفقد المبيض قدرته على إفراز البويضات ويحتفظ بها على سطحه لمدة طويلة. وينتج عن هذا عدم انتظام في الدورة الشهرية وأحيانًا انقطاعها.
الانتباذ البطاني الرحمي (Endometriosis)
هو ما يعرف باسم بطانة الرحم المهاجرة وفيها تنمو خارج الرحم نسيج مشابه للنسيج الموجود داخله، ما المشكلة في ذلك؟
خلال الدورة الشهرية تتجهز بطانة الرحم للحمل عن طريق صناعة شبكة دموية لتغذية الجنين المنتظر وعند فشل عملية الإخصاب تتخلص بطانة الرحم منها على هيئة دم الحيض.
في حالة الإصابة ببطانة الرحم المهاجرة تتجهز الخلايا الموجودة خارج الرحم أيضًا لنفس العمليات السابقة لكن لا يستطيع الجسم التخلص منها.
تتسبب بطانة الرحم المهاجرة في الآتي:
- غزارة دم الدورة الشهرية.
- نزل قطع متجلطة في الدم مع الحيض.
- آلام شديدة أثناء فترة الحيض.
- حدوث نزيف بين كل فترة حيض والتالية لها.
ويمكن القول هنا أن بطانة الرحم المهاجر واحدة من المشاكل تشير إليها الدورة الشهرية الطويلة.
مرض التهاب الحوض (Pelvic Inflammatory Disease)
يحدث هذا المرض نتيجة عدوى بكتيرية منقولة جنسيًا تصيب الأعضاء التناسلية وتتسبب في آلام قوية في الحوض. بجانب هذا يتسبب هذا المرض في تغيير مواعيد الدورة الشهرية واضطرابها.
فشل المبيض الأولي (Primary Ovarian Insufficiency)
يعرف أيضًا باسم قصور المبيض المبكر وهو فشل المبيض في أداء وظيفته الطبيعية سواء إنتاج بويضات أو إفراز الهرمونات الأنثوية.
تؤدي تلك المشكلة إلى اختلال في مواعيد الدورة الشهرية فجأة بعد أن كانت منتظمة فترة من الزمن.
اضطرابات الطعام
تتسبب اضطرابات الطعام خاصة فقدان الشهية العصبي والشره العصبي إلى اضطراب مواعيد الدورة الشهرية وأحيانًا إلى توقفها تمامًا.
الأورام الليفية الرحمية (Uterine fibroids) والسلائل الرحمية (Endometrial Polyps):
تسبب تلك الأورام غزارة في دم الدورة الشهرية وتطيل من مدتها عن المعتاد.
هناك أسباب مرضية أخرى تؤدي إلى عدم انتظام الدورة الشهرية مثل:
- الإصابة بداء السكري والإهمال في متابعته.
- الإصابة بمتلازمتة كوشينج (Cushing’s Syndrome)
- متلازمة آشرمان (Asherman’s Syndrome): متلازمة مكتسبة ونادرة تظهر بها التصاقات بالرحم بأشكال مختلفة وتؤدي إلى فترات حيض خفيفة أو انقطاع في فترات الحيض.
- تناول بعض الأدوية تعد أحد أسباب تغير موعد الدورة الشهرية مثل:
- أدوية الصرع
- الأدوية المضادة للتخثر
- أدوية العلاج الكيميائي والعلاج الإشعاعي.
اقرأي أيضًا
كيف يُشخص عدم انتظام الدورة الشهرية؟!
في حال وجود أي من أعراض عدم انتظام الدورة الشهرية التي ذكرناها في بداية المقال عليكِ التوجه للطبيب.
في البداية يبدأ الطبيب في طرح العديد من الأسئلة حول مواعيد دورتك وأيام الحيض ونمطه ومن ثم يسأل عن تاريخك المريض وأي أدوية تتناولينها في العادة.
بعدها يجري الطبيب فحصًا جسديًا لكِ يتضمن هذا فحص منطقة الحوض وقد يحتاج للجوء إلى وسائل تشخيصية مساعدة مثل:
موجات فوق صوتية على منطقة الحوض:
تكشف الموجات فوق الصوتية عن وجود تكيسات المبايض والأورام الليفية الرحمية.
خزعة من بطانة الرحم:
تساعد تلك الخزعة طبيبك في الحصول على عينة من خلايا الرحم لتشخيص كل من:
- الانتباذ البطاني الرحمي
- الخلايا السرطانية
- الاضطرابات الهرمونية
تنظير الرحم:
يدخل الطبيب منظارًا داخل الرحم ليوضح له رؤية شاملة للرحم من الداخل لمعرفة الأسباب المختلفة المؤدية إلى حدوث النزيف.
في نهاية الفحوصات يتوصل الطبيب بنسبة كبيرة لإجابة سؤالك (ما سبب اختلاف مواعيد الدورة الشهرية لدي؟)
كيف يمكن علاج عدم انتظام الدورة الشهرية؟!
قبل البدء في العلاج عليكِ معرفة سبب تغير الدورة الشهرية عندك فإن كان السبب:
- اختلال في الهرمونات الأنثوية نتيجة تكيس المبايض أو مشكلات مشابهة:
يصف الطبيب لكِ علاجًا هرمونيًا لفترة مثل أدوية منع الحمل التي تنظم نسبة الإستروجين والبروجيسترون في الجسم.
إذا كان السبب هو استخدامك لنوع معين من وسائل منع الحمل الهرمونية فعليكِ حينها استشارة طبيبك المعالج بشأنها ومناقشته حول الأدوية أو الوسائل البديلة.
- اختلال في هرمونات الغدة الدرقية سواء بالخمول أو الإفراط:
يكون العلاج بناءً على نوع المشكلة والبدء في علاجها
- داء السكري:
اتباع نظام غذائي مناسب وتناول الأدوية التي تساعد على ضبط نسبة الإنسولين في الدم.
- العلاج الجراحي:
في بعض الحالات يقرر الطبيب المعالج أن التدخل الجراحي هو الحل الأمثل لحالة المريضة، فيتدخل جراحيًا لإزالة الأورام الليفية والأورام الحميدة وكذلك لاستئصال بطانة الرحم وفي بعض الحالات يتطلب الأمر استئصال الرحم نفسه.
- العلاج النفسي:
في حالة كانت أسباب تغير موعد الدورة الشهرية هي مشكلات نفسية مثل: القلق الزائد عن اللازم أو الشره العصبي أو فقدان الشهية العصبي.
العلاج هنا يكمن في استشارة طبيب نفسي متخصص لمعرفة أي من أسباب تغير موعد الدورة الشهرية هو المسؤول عن المشكلة ومتابعة حالة المريض وحل المشكلة من جذورها.
تغيير نمط حياتك قد يكون هو الحل:
في بعض الأحيان كل ما عليكِ فعله عزيزتي هو تغيير نمط حياتك وذلك عن طريق:
- البعد عن مسببات القلق والتوتر ومحاولة الاسترخاء قدر الإمكان
- أرجوك حاولي تجنب فقدان الوزن السريع بطرق غير صحية أو زيادة الوزن السريعة أيضًا والأفضل استشارة طبيب تغذية مختص لإرشادك.
- التمارين الرياضية مفيدة لصحتك الجسدية والنفسية لكن باعتدال فكل شيء يزيد عن حده ينقلب لضده.
هل هناك مضاعفات لعدم انتظام الدورة الشهرية؟!
في الغالب لا يسبب تغير موعد الدورة الشهرية ضررًا إلا في حال كان مستمرًا لفترة طويلة من الزمن حينها قد يسبب:
- فقر الدم بسبب نقص الحديد: ويحدث نتيجة فقدان الجسم كميات دم أكبر من الطبيعي خلال الدورة الشهرية مما يسبب نقص شديد في الحديد.
- مشاكل بالخصوبة والعقم
- هشاشة العظام: يلعب هرمون الإستروجين الناتج عن عملية التبويض دورًا هامًا في الحفاظ على قوة العظام. وعند نقصه بسبب خلل في مواعيد الدورة الشهرية يجعلكِ أكثر عرضة لهشاشة العظام.
- أمراض القلب والأوعية الدموية التي يزيد احتمال الإصابة بها نتيجة نقص هرمون الإستروجين.
- تضخم بطانة الرحم نتيجة فترات طويلة من اختلال مواعيد الدورة الشهرية دون علاج وقد يؤدي هذا بدوره إلى حدوث سرطانات.
في نهاية المقال علينا القول أن:
- تختلف الدورة الشهرية من امرأة لأخرى في مدتها ونمطها.
- ليس كل تغير عارض أو بسيط في الدورة الشهرية يعد مشكلة حقيقية.
- يتطلب تشخيص خلل موعد الدورة الشهرية إلى عدة عوامل يجب عليك الانتباه لها
- أسباب تغير موعد الدورة الشهرية مختلفة منها ما هو طبيعي ومنها ما هو نتيجة مشكلة مرضية.
أسرة عمل فيمينا تتمنى لكِ دوام الصحة والعافية.
